لحظة صيف.. ساعة أذان الظهر بالمركز القومي للبحوث
شريف:
تخيل يا أخي.. زي الأيام دي من أربعيييين سنة كان الأمريكان بيحاولوا
يوصلوا للقمر، ووقتها كنّا إحنا بنحاول نوصل لـ"سينا" ما وصلناش.
عادل: طب
وفيها إيه يعني؟، لو دققت شوية مش هتلاقي فيه فرق، هما برضه دلوقتي
بيحاولوا يوصلوا للمريخ ويكتشفوا حياة جديدة هناك وما وصلوش لحاجة، وإحنا
بنحاول برضه نوصل لعيش مافيهوش مسامير، وقمح مش مسرطن، ومياه نضيفة وبرضه
ما وصلناش لحاجة.
شريف: همّ
يضحّك وهمّ يبكّي، 5 سنين وأنا مدفون هنا، ومدفون معايا اختراع تطوير
الأسمدة اللي حلمت بيه طول عمري، وفي الآخر مصيره كان إيه، مصيره كان
الدرج ده.. كتّر خيره شاله واستحمله سنين طويلة.
عادل: وبعدين
بقى يا شريف.. إنت هتتجنّى على الناس ولا إيه؟ مافيش حد رفض الاختراع
بتاعك، الناس بكل ذوق قالوا لك بالمحسوس كده إن اختراعات الحيوانات مكانها
هناك في الزريبة مش هنا، ولو مصرّ في الحالة دي هياخدوا منك البالطو
الأبيض ويدوك بيادة متينة عشان تعرف تعمل اختباراتك على الأسمدة كويس.
يوم
21 يوليو الجاري احتفلت (ناسا) -وكالة الأبحاث الأمريكية لعلوم الفضاء-
بالذكرى الأربعين لإطلاق أول قمر صناعي يهبط على سطح القمر بقيادة رواد
الفضاء نيل أرمسترونج وكولينز وألدرن، والأول كان أول إنسان في البشرية
تطأ قدماه أرض القمر.. وقد قال أرمسترونج عن هذا: خطوة صغيرة بالنسبة لإنسان، ولكن قفزة كبيرة بالنسبة للبشرية ككل..
That's one small step for a man, one giant leap for mankind.
يااااه
بسرعة كده، فات أربعين سنة على هبوط الإنسان على سطح القمر، خلاص بقى
إنجاز قديم عفا عليه الزمن ودخل ذاكرة التاريخ، دلوقتي خلاص الوقت بقى وقت
المريخ، هو الحلم اللي بتحلم بيه أوروبا وأمريكا، هو الأمل اللي عايشين
عشان يحققوه، حلم إقامة حياة جديدة في كوكب تاني غير كوكب الأرض، حلم
إعمار المريخ.. لكن هل المريخ يصلح للحياة من الأساس، هل به ماء وهواء..
بحيرات وأنهار وغيرها من متطلبات أي حياة.. كلها أسئلة هتلاقي إجاباتها
قريب جدا لما يوصلوا المريخ، بس إحنا ما يهمناش المريخ فيه حياة عليه ولا
مافيش، إحنا يهمنا هل إحنا ممكن في يوم نفكر نروح المريخ، ممكن سقف
أحلامنا يعلى عن لقمة العيش والشغل والجواز؟؟ إيه...........؟ بتقول لا؟
طب ليه؟!
ليه سقف طموحاتهم بالنسبة لينا مجرد أحلام، وليه سقف
أحلامنا بالنسبة ليهم أرشيف حققوه وانتهوا منه، يفتكروه وهما بيضحكوا على
الأيام الجميلة بتاعة زمان، يمكن عشان بيتعلموا إزاي يفكروا قبل ما
بيتعلموا إزاي يتكلموا، يمكن عشان مدارسهم بتعلم بجد مش بتحفّظ وللخانة
بتسد، ويمكن برضه اجتهاد وضمير في الشغل اللي ما بيتعاملوش أبدا معاه ببخل.
يمكن
بسبب جامعاتهم ومعاهدهم اللي أبحاثهم ودراساتهم شغالة فيها على مدار
الساعة.. بداية من الشمس وانتهاء بالولاعة، يمكن بسبب اقتصادهم اللي
بيعتبر الباحث جندي بيخدم بلده فبيصرف عليه ويديه طالما عارف ليه، ومن غير
ورق وأختام في كل حاجة بما فيها الأوراق والأقلام.
آسف، كان
بودي ما زعّلكش ونحط نهاية للكلام لغاية هنا، وشكر الله سعيكم، وما باليد
حيلة، طالما هي قضية اقتصاد للأموال ما بيقدمش، ومدارس وجامعات ما بتعلمش،
وتفكير واجتهاد ما تعودناش عليه من صغرنا وما بيحصلش، المسألة أكبر من
كده، 90% من وجودنا في السبنسة -سبنسة قطر التقدم- إحنا السبب فيه، وعمرنا
ما هنوصل للجرار أبدا قبل ما نحط إيدينا على العيب اللي جوانا، ولو ما
عملناش كده هنيجي في مرحلة وهنقع حتى من السبنسة ونفضل محلك سر وسط
الصحراء.. الصحراء اللي غزاة القمر ما يعرفوش غيرها عننا.
إحنا
الإحباط كسرنا، اليأس وطّى راسنا، الظروف نكست من سقف أحلامنا لحد ما بقى
كابس على نَفَسنا، بقى أقصى طموحنا شغلانة في مكان كويس، أو سفرية للخليج،
بقى الشعار الرسمي مش زي الزمان "من أجل مصر أفضل"، لا أصبح "من أجل نفسي
أفضل"، ومش عيب إنك تحسن من نفسك بس ليه مش وإنت بتحسن البلد معاك، بقى
الاختراع نكتة، والابتكار سخافة، الضمير في الشغل ما بقاش موجود والحجة
جاهزة: "لما البلد تديني حقي أبقى أديها حقها"، وأقصى آمالنا وطموحاتنا
بتنتهي عند سبنسة قطر التقدم ويا ريت نقدر نحافظ عليها.
تيجي
نتكلم بصراحة، إنت عمرك ما هتتحرك من مكانك طول ما البلد هي كمان واقفة في
مكانها، مربوطين ببعض بتتحركوا سوا وبتقفوا سوا، وما تقولش مافيش في إيدي
حاجة ودي مش بلدنا دي بتاعة أصحابها، ما تسيبهاش لغيرك دافع عن حقك فيها،
اعمل اللي عليك ولو مالقيتش نتيجة -على الأقل على المستوى الشخصي- يبقى
عندك حق، جربت تاخد كورسات كمبيوتر ولغة وتنمية بشرية وما لقيتش شغل؟ عمرك
اشتغلت شغلانة وفيه هدف في دماغك إنك تبقى أحسن واحد في مكانك؟ فكرت مرة
إنك تضيف جديد لمكانك مش مجرد نسخ مكررة من موظفين بيقوموا بنفس الوظيفة؟
لو كانت الإجابة على كل اللي فات هي "لا" خلينا نعتبر صفحة "أول كلمة"
صفحة جديدة في حياتك.. وغداً يوم آخر.
تفتكر إيه أهم حاجة عند الغرب ومش عندنا
وصّلتهم للقمر وإحنا لسه تحت هنا؟
في رأيك فيه أمل فينا،
ممكن في يوم من الأيام نوصل لجرار القطر ونسيب السبنسة؟
والأهم من كده إزاي؟
دا مش رغي ولا إحباط.. دا كلام ليك إنت/إنتي بالذات
ولو مش قادر تغير.. على الأقل علّي صوتك و اوصل لنا