لا جدال على أن قطاع سيارات السيدان متوسطة الحجم هو الأكثر ازدحاماً
ومنافسةً في الأسواق العالمية والعربية على حد سواء، خصوصاً مع هيمنة
طرازين أو ثلاثة ياباني الهوية على تلك الفئة، نذكر منها "تويوتا كامري"
و"هوندا أكورد" و"نيسان ألتيما" على سبيل المثال لا الحصر، في حين تحاول
عشرات الموديلات المنافسة "زحزحة" تلك الطرازات سالفة الذكر -إذا جاز
التعبير- من فوق عرش تلك الفئة المتخمة بالعروض والماركات، أمريكية كانت
أو أوروبية أو حتى أسيوية!
ولكن، ماذا عن الطراز "مازدا 6" أو "مازدا آتنزا" كما يُدعى في اليابان، والذي أُطلق عام 2002 بوصفه خليفة للطراز "626"؟!
في حقيقة الأمر، يُمكن القول بأن "مازدا 6" تملك خاصية تفتقدها معظم
عروض السيدان متوسطة الحجم الأخرى.. إنها "الكاريزما" أو الشخصية
المستقلّة لهذه السيارة العائلية المُترفة التي تجمع ما بين العملية
والطباع الرياضية المُحبّبة هندسةً وتصميماً، وهو ما انعكس على أرقام
مبيعاتها منذ تدشينها عام 2002 وحتى عام 2007 الماضي، والتي تعدت الـ 450
ألف وحدة مُباعة في القارة الأوروبية العجوز وحدها، مع حيازتها للعديد من
الألقاب والجوائز، شأن "سيارة العام 2003" في نيوزيلاندا، و"سيارة العام
2004" في الصين، في حين حازت على 59 جائزة من 28 دولة أوروبية، كما حصلت
على سبع جوائز أمريكية هامة في العامين 2003 و 2004، والفضل كله يعود
لتصميمها المميّز واعتماديتها العالية، إضافة إلى خيارات المحركات التي
تتراوح بين فئات الأربع أسطوانات و"في 6"، فضلاً عن توافر "مازدا 6" بثلاث
فئات مختلفة على صعيد البنية الهيكلية، وهي "السيدان" الرياضية
و"الهاتشباك" من أربعة أبواب، وأيضاً فئة "الواجن" بجسد من خمسة أبواب.
وإن افتقدت كذلك لبعض العناصر الهامة التي جعلتها تحل ثانيةً بعد بعض
الطرازات المنافسة على تلك الفئة، شأن جودة مكوّنات مقصورتها الداخلية
التي كانت دون المستوى المطلوب، كذلك المساحات المخصّصة للركاب الخمسة على
متنها، لم تكن رحبة نسبياً، كما كان يتوجب رفع القدرة الحصانية لمحرك
الفئة "في 6" المُدعم وقتذاك!
عموماً، استوعبت "مازدا" الدرس جيداً، لتكشف النقاب عن الجيل الأحدث
لموديلها "مازدا 6" بعد مرور ست سنوات على جيلها الأول، وذلك من خلال معرض
"فرانكفورت" الدولي للسيارات في سبتمبر 2007 الماضي، إلى أن طرق أبواب
منطقتنا العربية العام الماضي بوصفه موديل عام 2008.
يُذكر أن "مازدا 6" الجديدة كلياً، باتت أكبر حجماً مقارنة بالطراز
السابق، وأكثر فخامة وترفاً من أي وقت مضى، بينما اتسمت خطوطها بالطابع
الرياضي العصري، جنباً إلى جنب مع الاستعانة بمحرك جديد بسعة 2.5 لتر من
أربع أسطوانات، وآخر بسعة 3.7 لترات فئة "في 6" (جرى تطويره انطلاقاً من
محرك الطراز الشقيق "سي إكس-9"، ليسوّق في الأسواق الأوروبية حصرياً)، لذا
من المتوقع أن تطرأ بعض التغييرات على قائمة أفضل سيارات السيدان متوسطة
الحجم، لتحتل "مازدا 6" مراكز متقدمة بها..
خطوط جريئة تحمل الهوية الرياضية..
من الوهلة الأولى يُمكن بسهولة نسب "مازدا 6" الجديدة إلى باقي أفراد
عائلة الصانع الياباني الأخرى، والتي تتبنى مفهوم "زووم-زووم" الغني عن
التعريف، مع الأخذ في الاعتبار تمتعها بشخصية مستقلة تجعلها فريدة ومميّزة
عن باقي العروض الشقيقة، بل واليابانية والأوروبية الأخرى، لذا عمد مصممو
"مازدا 6" الاستعانة ببعض التفاصيل التصميمية التي تعكس الهوية اليابانية
المميّزة، منها المناظر الطبيعية أو الريفية اليابانية التي تُعكس الصفاء
والحسّ الجمالي، كما تعكس الخطوط الخارجية كذلك الشعور بالهيبة والجرأة،
وهي مستعارة بدورها من تصميم "السيف الياباني" للساموراي المحارب، وأخيراً
يُمكن تتبع الدقة الحرفية المتقنة والجودة العالية في التصميم ذاته، لذا
يُمكن القول بأن الخطوط الخارجية لـ "مازدا 6" تحمل بين طياتها "حسّاً
جمالياً" و"هيبة"، فضلاً عن "الجودة والدقة العالية"! وفي هذا السياق،
جاءت الواجهة الأمامية بتصميم "جريء" عصري، من خلال شبك تهويتها كبيرة
الحجم خماسية الأضلاع على شكل حرف "في"، فضلاً عن الإطار الكرومي اللامع
الذي يحدّد أسفل الشبك، إضافة إلى المصابيح الرئيسية الكبيرة التي تلتقي
على الأجناب والمزوّدة بأضواء فئة "بي-كزينون" المتأقلمة التي تتحرك
عدساتها مع المقوّد في المنعطفات، مع إعادة رسم الصادمين الأمامي والخلفي،
واستقرار مصابيح إضافية في تجاويف خاصة بالأمامي منها، وهناك أيضاً فتحات
التهوية الإضافية جنباً إلى جنب مع الخطوط المموّجة لغطاء المحرك،
والأكتاف العريضة التي تخفي وراءها عجلات متعددة الأذرع تتراوح قياساتها
بين 16 و 18 بوصة. وبالانتقال إلى المؤخرة، نجد أن أبرز ما يُميّزها
المصابيح الخلفية ذات الخلفية الحمراء الجذابة، والجناح الخلفي الكبير
(تبعاً للفئة المختارة)، وعاكس الهواء الخلفي، ناهيك عن دمج لوحة الأرقام
بالصادم الخلفي. على صعيد القياسات العامة، جرى زيادة الطول العام بنحو 65
ملم، وكذلك العرض بمقدار 15 ملم، مقارنة بالطراز السابق؛ حيث بلغ الطول
الإجمالي 4735 ملم، والعرض 1795 ملم، في حين بلغ الارتفاع 1440 ملم. وعن
الهيكل المعتمد، فبات أكثر صلابة بنسبة 32 بالمئة مقارنة بالطراز السابق،
مع زيادة الصلابة الالتوائية بمقدار 14 بالمائة، وذلك من خلال الاستعانة
بألواح فولاذية مقاومة للصدمات، تماماً مثلما هو الحال في الجيل الثالث من
الطراز "إم إكس-5" الشقيق، والموديل الجديد "مازدا 2". أما عن معدل تدفّق
الهواء، فبلغ 0.27 درجة على مقياس "سي إكس"، مما يعني أنها الأكثر
انسيابية في فئتها.
مقصورة رحبة مع جودة مكوّنات عالية..
يُمكن القول بأن مقصورة "مازدا 6" الجديدة كلياً، باتت أكثر رحابة
وترفاً من أي وقت مضى، مع عدم إغفال الصبغة الرياضية التي تحاكي التصميم
الخارجي بوجه عام، علماً بأن قاعدة العجلات المعتمدة قد زادت بدورها
بمقدار 50 ملم، مقارنة بالجيل الأول، لتبلغ 2725 ملم، وإن كان أبرز ما
يلفت الأنظار بها هو جودة المكوّنات المعتمدة التي تعكس الدقة الحرفية
المتقنة والعناية بأدق التفاصيل، وهي العناصر التي غابت عن الجيل الأول من
الطراز. وفي هذا السياق، يبرز تصميم الكونسول الوسطي المميّز الذي يبدو
وكأنه طافياً على لوحة القيادة، فضلاً عن الانحناءات والبروز المشكّلة
بإتقان هنا وهناك، مع تداخل الجلد الفاخر وزوائد الألومنيوم البراقة على
أكثر من موضع، إضافة إلى تراص العديد من أزرار وعتلات التحكم بالوظائف
المختلفة على الكونسول الوسطي، منها حسب التجهيزات المتوافرة قياسياً
وإضافياً بكل فئة، شاشة العرض الملوّنة الكبيرة بأعلى الكونسول، والمكيّف
الإلكتروني الذي يُمكن برمجة خيارته أتوماتيكياً، والنظام الصوتي المتطور
مع قارئ للأسطوانات المدمجة، فضلاً عن المرايا الجانبية القابلة للطي
كهربائياً، ونظام البلوتوث لإجراء المكالمات الهاتفية دون استخدام اليدين،
وغيرها. أما عن لوحة العدّادات، فازدانت بدورها بأربعة عدّادات دائرية
مجوّفة، يبرز من محيطها أضواء ليلية حمراء جذابة، ويمكن تتبع تلك الإضاءة
الخافتة من خلال بروزها من محيط الأزرار وعتلات التحكم المتراصة بالكونسول
الوسطي. وبالانتقال إلى المقاعد المُدعمة بتلبيساتها الجلدية الفاخرة،
فنجد الأمامية منها مزوّدة بحواف جانبية رياضية لتثبيت السائق والراكب
الأمامي، مع تزويدها بخواص تدفئة وتهوية مع إمكانية ضبط وضعياتها بأكثر من
اتجاه. وفي سياق آخر، جرى زيادة المساحات المخصّصة لأرجل الركاب في الخلف
بمقدار 20 ملم، لتبلغ 947 ملم، كما زادت المساحات المخصّصة لأكتاف الركاب
في الخلف بمقدار 9 ملم لتبلغ 1430 ملم، مما يعني أن "مازدا 6" أكثر رحابة
من أي وقت مضى، كما يُمكن طي المقاعد الخلفية كلياً أو جزئياً بمقدار
60/40. وعلى الصعيد العملي، فجرى الاستعانة بالعديد من الجيوب التخزينية
وحاملات الأكواب وتوزيعها بعناية على كافة أنحاء المقصورة، في حين تبلغ
سعة صندوق التحميل 519 لتراً، مع إمكانية رفعها من خلال طي المقاعد
الخلفية لتبلغ 1702 لتراً. على صعيد تجهيزات السلامة المُعتمدة بالجديدة
"مازدا 6"، فيمكن ذكر الوسادات الهوائية المتعددة، منها وسائد الهواء
الأمامية قياسياً، ووسائد الهواء الجانبية-العلوية (ستائر) إضافياً، إضافة
إلى مساند الرأس النشطة التي تحول دون إصابات العنق أثناء حوادث الاصطدام
الخلفية العنيفة، ناهيك عن دعائم التمتين الفولاذية بالهيكل والألواح
القابلة للالتواء بهدف امتصاص الصدمات وإبعادها قدر الإمكان عن ركاب
المقصورة فور وقوع الحوادث، وأحزمة الأمان ثلاثية نقاط التثبيت، ونظام
مراقبة ضغط الهواء بالإطارات، ونظام ركن السيارة عبر مستشعرات العوائق
الخلفية، وغيرها طبقاً لكل فئة مختارة على حدة.
محرك جديد بسعة 2.5 لتر..
على الصعيد الميكانيكي، جرى الاستعانة بمحرك جديد تماماً مشتق من
المحرك السابق سعة 2.3 لتر، من فئة أربع أسطوانات بسعة 2.5 لتر، يولد طاقة
حصانية مستخرجة تُقدر بـ 170 حصانا عند 6000 د.د، مع أقصى عزم دوران يبلغ
226 نيوتن-مترا عند 4000 د.د، وهو بذلك أقوى بمقدار 19 نيوتن-مترا، مقارنة
بمحرك الطراز السابق بسعة 2.3 لتر! يتبنى المحرك الجديد تقنية التحكم
بتغيير توقيت فتح وغلق الصمامات لخفض معدّلات استهلاك الوقود، فضلاً عن
خفض مستويات الضجيج الناجمة عن المحرك إلى أقصاها، مما يعني قيادة هادئة
دون التنازل عن معايير الكفاءة الوظيفية. يتيح المحرك الجديد الانطلاق من
السكون إلى سرعة 100 كم/ساعة في غضون 8 ثوان فقط، مع تسجل سرعة قصوى تُقدر
بـ 220 كم/ساعة، مع تحقيق معدّلات استهلاك لافتة للوقود، تبلغ 8.1 لترات
لكل 100 كم مقطوعة. وهناك أيضاً المحرك التقليدي السابق سعة لترين بقدرة
140 حصاناً عند 3500 د.د، مع أقصى عزم دوران يبلغ 330 نيوتن-مترا عند 4000
د.د. كما بات بالإمكان الاختيار بين علبة تروس يدوية من ست سرعات، مُدعمة
قياسياً، أو أتوماتيكية خمس منها. وبالانتقال إلى أنظمة التعليق، فجرى
الاستعانة بنظام تعليق أمامي من فئة الشوكة المزدوجة، شبيه بالمدعم
بالطراز السابق مع إدخال بعض التحسينات الطفيفة عليه لتحسين الديناميكية
بوجه عام، وفي الخلف جرى الاستعانة بنظام تعليق متعدد الوصلات، ناهيك عن
المقوّد الذي بات يستفيد من مساعد كهربائي، عوضاً عن ذلك الهيدروليكي
سابقاً، لضمان الدقة والسلامة في آن واحد. يُذكر أنه جرى الاستعانة
بالعديد من الأنظمة الإلكترونية المتقدمة، شأن نظام مانع الانزلاق الكبحي
ABS، وكذلك مساعد الكبح عند الطوارئ BA، ناهيك عن نظام التحكم الإلكتروني
بالتماسك Traction Control، وغيرها من الأنظمة الفعالة، مما أتاح الحصول
على مسافة توقف تبلغ 39 متراً فقط، عند الضغط على دواسة الكبح على سرعة
100 كم وعلى أرضية زلقة.