والداها طبيبان سافرا للسعودية بحثاً عن عيش أفضل ، كانت ( براءة ) طفلة غاية في النباهة والذكاء لدرجة أنها حفظت القرآن الكريم كاملاً بأحكامه في هذا
السن !!
معلمتها كانت تقول لها دوماً لابد وأن تكوني في المرحلة المتوسطة وليس الإبتدائية .
أسرتها هي أسرة سعيدة صغيرة ملتزمة .
وفجأة ودون سابق إنذار شعرت الأم بآلام شديدة وبعد الفحوصات تأكدت أنها مصابة بالسرطان بل في مراحله المتأخرة .
فكرت الأم كثيراً كيف تخبر ابنتها خاصة إذا استيقظت يوماً ولم تجدها ؟؟!!
وأخيراً بعد طول تفكير قالت لها : ( يا براءة أنا هاسبقك على الجنة ، والقرآن اللي حفظتيه لازم تقرئيه كل يوم عشان هو ده اللي هيحفظك في الدنيا ) .
لم تفهم براءة الأمر بصورة واضحة ، ولكنها شعرت بالتغيير حينما تركت أمها المنزل وأقامت بصفة دائمة في المستشفى ، فكانت براءة تذهب صباحاً للمدرسة وتعود على المستشفى تلازم أمها تقرأ لها القرآن ولا تبرحها إلا في المساء حينما يأتي أبوها لأخذها إلى المنزل .
وفي صباح أحد الأيام اتصلت على غير المعتاد إدارة المستشفى بالوالد وأخبرته أن زوجته في خطر وعليه الحضور الآن ، فأسرع الوالد من عمله إلى مدرسة براءة وأخذها في يده وأسرع إلى المستشفى ، وحينما وصل إلى المستشفى طلب من براءة المكوث في السيارة حتى يطمئن على أمها ثم يعود لها ليأخذها لتراها .
أبى أن يأخذها معه حتى لا تصاب بالصدمة مباشرةً إذا ماكانت الأم قد ماتت ، فخرج الأب مسرعاً من سيارته عيناه تملأها الدموع وعقله شارد بالتفكير ، وأثناء عبوره الطريق للدخول للمستشفى صدمته سيارة مسرعة فمات من فوره أمام عيني براءة ، فنزلت براءة مسرعة تبكي في حضن أبيها الذي تركها في السيارة ليموت وحيداً في الطريق .
يا سادة مأساة براءة لم تنته بعد ، تم إخفاء خبر الوفاة عن الأم التي ترقد داخل المستشفى ولكن بعد خمسة أيام فقط … رحلت الأم بعد رحيل الأب ورحلت الأم ولم يبق إلا براءة في الحياة .
أصبحت وحيدة بعد أن مات أبواها ولا تعرف أي قريب في السعودية ، واجتمع أصدقاء الوالد وأهل الخير من المصريين والسعوديين ، لإيجاد حل لوضع براءة ، وكيفية الترتيب لتوصيلها لأهل أبويها في مصر .
ولكن وبدون سابق إنذار تشعر براءة بآلام شديدة وبعد الفحوصات تعرف الطفلة الصغيرة أنها تحمل نفس مرض الأم ، فتبتسم الطفلة الصغيرة وتقول أمام
الجميع ( الحمد لله هشوف بابا وماما)!!
الجميع كان في ذهول واندهاش عجيب ، ابتلاءات تعقبها ابتلاءات تنزل على رأس الطفلة الصغيرة وهي صابرة سعيدة بقضاء الله ، بدأت قصة براءة يعرفها الناس رويداً رويداً داخل المجتمع السعودي وتكفل بها رجل سعودي صالح أبى أن يعرف الناس حتى
اسمه ، وسفرها على نفقته الخاصة إلى بريطانيا للعلاج من هذا المرض الذي لا يرحم لا صغيراً ولا كبيراً ،